سورة المائدة - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


قوله جلّ ذكره: {وَاذْكُرُوا نعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِى وَاثَقَكُم بِهِ}.
الإشارة منه إلى التعريف السابق الذي لولاه ما علمْتَ أنه من هو.
ويقال أمرهم بتذكّر ما سبق لهم من القِسَمِ وهم في كَتْمِ العَدَم، فلا للأغيار عنهم خبر، ولا لهم عين ولا أثر، ولا وقع عليهم بصيرة، وقد سماهم بالإيمان، وحكم لهم بالغفران قبل حصول العصيان، ثم لما أظهرهم وأحياهم عرَّفهم التوحيد قبل أن كلَّفهم الحدود، وعرض عليهم بعد ذلك الأمانة وحذّرهم الخيانة، فقابلوا قوله بالتصديق، ووعَدُوا من أنفسهم الوفاءَ بشرط التحقيق، فأمدَّهم بحسن التوفيق، وثَبَّتهم على الطريق، ثم شكرهم حيث أخبر عنهم بقوله جل ذكره: {إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}.
ثم قال: {وَاتَّقُوا اللهَ}: يعني في نقض ما أبرمتم من العقود، والرجوع عمَّا قدمتم من العهود، {إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} لا يخفى عليه من خطرات قلوبكم ونيات صدوركم.


قوله جلّ ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِالقِسْطِ}.
لا يُعَوِّقنَّكم حصولُ نصيبٍ لكم في شيء عن الوفاء لنا، والقيام بما يتوجَّب عليكم من حقنا.
ويقال من لم يقسط عند مواعد رغائبه، ولم يمحُ عنه نواجم شهواته ومطالبه لم يقم لله بحق ولم يفِ لواجباته بشرط.
قوله جلّ ذكره: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
أي لا تحملكم ضغائن صدوركم على الحلول بجنبات الحيف فإنَّ مرتعَ الظلمِ وبيءٌ، ومواضع الزيغ مهلكة.
ثم صرَّح بالأمر بالعدل فقال: {اعدلوا} ولا تكون حقيقة العدل إلا بالعدول عن كل حظٍ ونصيب.
والعدلُ أقربُ إلى التقوى، والجَوْزُ أقربُ من الرَّدَى، ويُوقِعُ عن قريبٍ في عظيم البلوى.


والمغفرة لا تكون إلاَّ للذنب، فوصفهم بالأعمال الصالحات، ثم وعدهم المغفرة لِيُعْلَمَ أن العبد تكون له أعمال صالحة وإن كانت له ذنوب تحتاج إلى غفرانها، بخلاف ما تَوَهَّمَ مَنْ قال إن المعاصي تَحْبِطُ الطاعات.
ويقال بيَّن أن العبد وإن كانت له أعمال صالحة فإنه يحتاج إلى عَفْوِه وغفرانه، ولولا ذلك لَهلَكَ، خلافاً لمن قال إنه لا يجوز أن يَعذِّبَ البريءَ ويجب أن يثيب المحسنين.
ويقال لو كان ثوابُ المحسنين واجباً، وعقوبةُ البريء غيرَ حسنة لكان التجاوزُ عنه واجباً عليه، ولم يكن حينئذ فضل يمن به عليهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8